هل يمكن لصياد
تنحصر مهارته في اصطياد الأسماك أن يتعايش مع سمكة دون أن يوقعها في شبكته؟ هل
يمكن أن لا يعني وجود الأول فناء الثاني؟ سؤال صعب حير الكبار في عالمهم المتطاحن وقدمته الدكتورة عفاف طبالة للأطفال بأسلوب سلس رشيق من خلال قصة ناعمة حملت عنوان
السمكة الفضية، رسوم المبدع الراحل الفنان عدلي رزق الله.
تحكي القصة عن عم عثمان ذلك الصياد العجوز
الذي أنهكه البحر، لكنه عاشق له، فهو الخبير بأسراره، العالم بكنوزه. في أحد
الأيام ومع إطلالة خيوط أشعة الشمس البراقة سمع عم عثمان نداء البحر فأخذ شبكته
وسلته وأبحر بقاربه وتوكل على ربه في رزقه. في عرض البحر رمى الصياد العجوز بشبكته
وبدأ في الغناء بينما ينتظر. كان غناؤه عذبا سحر سمكة فضية فاقتربت من السطح لسماع
صوته العذب بالرغم من تحذير رفاقها من الأسماك، فمن سمع من قبل عن سمكة تذهب لصياد
بإرادتها الحرة؟
عندما اقتربت السمكة حدث الأمر المنتظر ووقعت
في شبكة الصياد. طلبت منه في أسى أن يتركها، فليس من المعقول أن يكون جزاء إعجابها
بصوته الوقوع في شبكته! ولكن الصياد استغرب من طلبها، كيف يتركها تمضي إلى حال
سبيلها وهي السمكة الوحيدة التي استطاع اصطيادها منذ مدة طويلة؟
في النهاية نجح الصياد والسمكة في إيجاد حل
للتعايش معا لكن الأمر تطلب مجهودا وثقة. عندما سألت ابنتي عن أكثر ما أعجبها في القصة
قالت: الأمل في أن هناك دائما طريق.
لقد أحببنا أيضا الرسوم. الفنان الراحل عدلي
رزق الله ساحر الألوان المائية عن حق. شفافية الألوان والخطوط أضافت الكثير إلى
القصة ونعومتها.
وأخيرا..وسط انتشار
خطاب عنصري مخيف وحروب عبثية وموجات من الكراهية والتشفي وإلقاء اللوم على الآخر خاصة
عبر مواقع التواصل الإجتماعي نحتاج إلى قراءة كتب مثل السمكة الفضية مع أطفالنا
فهي تحث الصغار والكبار على التفكير وعلى إيجاد حلول لنشر السلام والمحبة. كتب
الأطفال المصورة في رأيي لا تكتب للأطفال فقط بل تكتب للكبار أيضا كي يقرأونها مع
أطفالهم، هي تذكرهم بطفل داخلهم يربكه العالم من حوله بقدر ما يدهشه، هي كتب معدة
لنتواصل مع أطفالنا ومع أنفسنا والعالم من حولنا بحكاية ذكية لطيفة ورسوم جميلة.
كتاب السمكة
الفضية من إنتاج دار نهضة مصر وحاصل على شهادة تقدير من مهرجان بولونيا لكتب
الأطفال عام 2006 ومترجم إلى اللغات الإنجليزية والتركية والكورية.
No comments:
Post a Comment