ماذا تفعل
بفكرة خاصة إذا كانت مختلفة أوجريئة أو ربما جامحة بعض الشيء؟ هل تمتلك جرأة
تتبعها لترى أين ستفضي بك؟ هل تناضل من أجلها؟ لقد أمضى العالِم والفلكي الإيطالي
جاليلليو ما تبقى من عمره قيد الإقامة الجبرية في بيته لتبنيه نظرية كوبرنيكوس التي
تثبت أن الشمس هي مركز الكون وأن الأرض تدور حولها حيث عدتها الكنيسة الكاثوليكية
آنذاك هرطقة. وعندما اطلع عالِم الأحياء البريطاني تشارلز داروين العالم على
نظريته عن التطور بالانتخاب الطبيعي واجه انتقادات حادة من الناس والكنيسة بل ومن
المجتمع العلمي نفسه. ودفع القس والناشط السياسي الأمريكي مارتن لوثر كينج حياته
ثمنا لفكرة المساواة في الحقوق المدنية. بمرور الأزمنة لُقِب جاليلليو بأبي العلم
الحديث، وأصبحت فكرة الانتخاب الطبيعي حجر الزاوية في علم الأحياء الحديث، وأصبح
للولايات المتحدة رئيس أسود. تلك الأفكار وغيرها أثرت في تاريخ البشر ومجرى حياتهم
وفهمهم للكون ومحيطهم الحيوي، ولكن لماذا يخاف الناس الأفكارَ المختلفة عن السائد؟ وهل كل الأفكار حملت بالضرورة تغييرا أفضل للعالم؟
كل تلك الخواطر والحكايات السابقة جلبها نقاش مع
ابنتي التي تحمل من العمر تسع سنوات لكتاب (ماذا تفعل بفكرة؟) أو (what do you do with
an idea?) من تأليف الكاتب الأمريكي كوبي
يمادا Kobi Yamada ورسوم الرسامة الصينية
ماي بيزم Mae Besom . يحمل الكتاب رؤية عميقة عن دورة حياة الفكرة لكنها
مقدمة بأسلوب بسيط ومرح ورسوم رقيقة. تمتد الفئة العمرية للكتاب لتشمل طفلا لا
يجيد القراءة بعد ولكنه يتلمس طريقه إلى عالم الكتب والأفكار من خلال الاستماع إلى
حكي القصة أو طفلا بعمر ابنتي بإمكانه قراءة كتب ذات فصول. وهذا شأن الكثير من كتب
الأطفال المصورة التي اطلعت عليها في الولايات المتحدة وعبقريتها وجمالها في آن.
وبالرغم من خوفه من رأي الناس قرر أن يطلعهم
عليها. لقد كان خائفا أن يتهكموا على فكرته أو أن يظنوا أنها ساذجة، وهذا ما فعله
الكثيرون. لقد ظن البعض أن لا فائدة منها وظن البعض الآخر أنها غريبة جدا، بل
حاولوا أن يثبطوا عزيمته بقولهم إنه يهدر وقته في ما لا يجدي نفعا. في البداية
صدقهم وفكر في أن يحجم عنها، ولكنه أدرك أنها فكرته لا أحد يعرفها حق المعرفة كما
يعرفها هو، فلتكن مختلفة وغريبة أو حتى جامحة لقد قرر أن يحميها ويمنحها اهتمامه.
كبرت الفكرة أكثر وأكثر وأحبها وترك لها مساحة لتحلم ويحلم معها حتى كشفت له عن
أسرارها، لقد علمته مثلا كيف يمشي على يديه لأنه من المفيد أن نرى الأشياء من
زاوية مختلفة! وفي أحد الأيام حدث شيء رائع، لقد أصبح لفكرته أجنحة وانطلقت أمام عينيه
نحو السماء، لا يعرف كيف يصف ما حدث ولكنها أصبحت في كل مكان، لقد أصبحت جزءا من
كل شيء، وعندها أدرك الصبي ماذا تفعل بفكرة... إنك تغيرالعالم بها.
أضافت الرسوم
الكثير إلى النص وإلى النقاش مع ابنتي أيضا. بدءا من اختيار الرسامة لتجسيد الفكرة
في شكل بيضة ذهبية اللون على رأسها تاج وتمشي على قدمين. لم أحب كثيرا تجسيد
الفكرة على شكل بيضة وفكرت في أن تجسيدها على شكل برعم ربما كان أجمل، ولكن ابنتي
أحبت شكل البيضة ورأت أنها خفيفة الظل كما لاحظت أن في الرسوم الأخيرة تظهر بعض
الشقوق على جدار البيضة بما ينذر القاريء بقرب كسر جدارها وانطلاقها. امتازت
الرسوم بالدقة والبساطة. كما اختارت الرسامة أيضا أن يكون الطفل والعالم من حوله
رماديا حيث تظهر الألوان في القصة تدريجيا حول البيضة الذهبية في الأساس لتغمر
الألوان الطفل وعالمه بعد انطلاق الفكرة في كل مكان.
المزيد عن
كوبي يمادا وأعماله التي يغلب عليها طابع الشغف بالحياة على هذا الرابط http://www.biblio.com/kobi-yamada/author/66461
موقع الرسامة
ماي بيزم
كم أتمني ان تتوفر مثل هذه الكتب فى عالمنا العربي لاننا نحتاجها بشدة هناك قلة فى انتاج كتب للاطفال .....مسرورة بمشاركتك ِ لنا بقراءاتك مع طفلتك ِالجميلة ...دائما ً بانتظاركِ لبني :))
ReplyDeleteايناس الغالية أشكر لك متابعتك واهتمامك دوما بالتعقيب.. بالفعل الإنتاج قليل مقارنة بالإنتاج في الولايات المتحدة مثلا.. ولكن هناك انتاج ودور النشر العربية تحاول وسط ظروف سيئة جدا للعمل.. محبتي
Deleteمنين أقدر أجيبهم ؟
ReplyDeleteتحياتي سلمى :) على موقع أمازون كل الكتب موجودة
ReplyDeleteجميل جدا تجربتك مع بنتك ومع الكتب عظيمة
ReplyDeleteشكرا هنا لمرورك الكريم على المدونة وأسعدني أنها راقت لك
ReplyDeleteالكتب عظيمة .وا نت رائعة جدا .... مفيش كتب بديعة وممتعة كدا بالعربية ؟؟؟
ReplyDeleteأشكرك صفاء لمنح المدونة بعضا من وقتك واهتمامك بالتعقيب.. طبعا هناك كتب جميلة باللغة العربية ساعرض لها باذن الله ولكني اقيم حاليا بالولايات المتحدة حيث يوجد سوق ثري لكتب الأطفال واليافعين فأحببت أن اطلع القاريء العربي عليه:)
Deletehttps://youtu.be/mSfNv0-SgJM فديو عن القصه
ReplyDeleteشكرا للمشاركة الأخ عبد الفتاح .. سعدت بمرورك
ReplyDeleteاشكرك كثيرا على هذه الروائع و اتمنى ان تدرج الكتب التى طالعتها مع ابنتك فى اعوامها الاولى
ReplyDeleteشكرا كثيرا داليا على المرور الكريم ..وأسعدني أن اختيارات الكتب قد لاقت استحسانك.. هناك بالفعل كتب أحبها أنا وابنتي ونحتفظ بها من الأعوام الأولى..سأحاول أن اكتب عنها قريبا باذن الله
Delete